
محمد عبد الجبار الشبوط
في سابقة خطيرة هي الاولى من نوعها منذ سقوط النظام الدكتاتوري المتخلف، قام رئيس الوزراء، المكلف بحماية الدستور وحقوق الانسان، بمنع نشر مقالات صحفي وكاتب عراقي في صحيفة الدولة.
فقد امر رئيس الوزراء رئيسَ شبكة الاعلام العراقي وعن طريقه رئيسَ تحرير صحيفة "الصباح" بالتوقف عن نشر العمود الاسبوعي الذي يكتبه محمد عبد الجبار الشبوط رئيس شبكة الاعلام العراقي ورئيس تحرير "الصباح" سابقا. وقد تم ابلاغي شفهيا بالقرار دون ابداء الاسباب.
ومع ان هذا القرار التعسفي لا يؤثر على امكانية نشر مقالاتي في الصحف الاهلية الوطنية المستقلة التي ابدت رغبتها باستضافة مقالاتي، مثل "الزمان" و "الدستور" و"كل الاخبار" و "نداء الجمهورية" و"الاعلام العراقي" و "العالم" وغيرها، الا ان القرار شكّل سابقة خطيرة في الحياة الاعلامية للدولة العراقية التي يصفها دستورها بانها دولة "ديمقراطية".
فقد عاصرت، اعلاميا، اربعة رؤوساء حكومات، وهم: اياد علاوي وابراهيم الجعفري ونوري المالكي وحيدر العبادي، ولم يسبق لاي منهم ان اصدر امرا بمنع اي مواطن عراقي من الظهور على شاشات شبكة الاعلام او اذاعاتها او النشر في صحفها. وقد سألت المالكي مرة عن موقف الحكومة من الذين ينتقدونها في المنابر الاعلامية التابعة للشبكة، فاجابني بالحرف الواحد وباللهجة العامية:"قابل نسكّت العالم؟".
واذا كان لكلّ من رؤساء الحكومات المذكورين ايجابياته وسلبياته، انجازاته واخفاقاته، فانني اسجل لهم كلهم هنا انهم لم يتجاوزوا صلاحياتهم في هذا المجال ولم يسيؤوا استغلال سلطتهم فيه.
ان ما اقدم عليه رئيس الوزراء الحالي يشكل مخالفة دستورية فاضحة، وتجاوزا لقانون شبكة الاعلام العراقي بوصفها هيئة مستقلة غير خاضعة لسلطة رئيس الوزراء. ومع انني اقدر الموقف المحرج لرئيس الشبكة و لمجلس الامناء ولرئيس تحرير "الصباح" ازاء امر رئيس الوزراء التعسفي، الا انني احملهم مسؤولية صيانة استقلالية الشبكة والمحافظة على حقي كمواطن في نشر ارائي وافكاري في صحيفة الدولة الممولة من المال العام. انها ليست قضية شخصية، انما قضية حرية الرأي والتعبير في العراق. وكلنا نعلم ان انتهاك هذه الحرية يشكل مقدمة وارهاصا لولادة نظام استبدادي جديد.